تحت درجات حرارة عالية في منطقة الجنوبي الغربي وتحديدا في ولاية قبلي، خرج خمسة شُبّانٍ في مهمة دامت يومين. كثير من الأسئلة تُطْرَحْ ماهي المهمة؟ ما الذي سيفعله هؤلاء الصغار في مثل هذا الطقس الذي لا تتجرأ دابة أن تتسكع فيه. عيون المارة تعبِّرُ عن استغراب ودهشةٍ كبيريْنِ. أول ما سأصححه في هذه النظرات هو أننا لسنا أطفالا ولا صغارا بل نحن يافعي ويافعات تونس اليوم ورجالها ونساءها غدا فكفاك يا مجتمع التصغير من مكانتنا وحصرها في أجسادنا الصغيرة. هذا هو السؤال المفيد والذي يا عزيزي القارئ سوف تعرف إجابته في طيات السطور القادمة.
يوم السابع عشر من شهر أوت، في إطار الشراكة القائمة بين بلدية سوق الأحد ومؤسسة ado+ وتحديداً في برنامجها الجديد “هن …الآن” قام كل من اليافعين واليافعات: سناء البكوش، حنين بوبكر ووجدي النڨي بزيارة بعض الهياكل لجمع بعض المعطيات حول أوضاع الطفولة والمرأة في نفزاوة. كانت أول محطة في جولتنا الصغيرة هي جلسة العمل مع رئيسة مصلحة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن السيدة الفاضلة عواطف الشايبي التي كانت تجيبنا على جميع الأسئلة برحابة صدر كبيرة.
وبعد تزودنا ببعض المعلومات القيمة، اتجهنا نحو محطتنا التالية وهي مندوبية حماية الطفولة حيث كانت لنا جلسة عمل مع السيدة آمال طنيش مندوبة حماية الطفولة حيث تناولنا عدة قضايا تهم شأن الطفولة وخاصة منها القضايا الحساسة وأهم المعطيات حولها تحديداً في السنوات الأخيرة…
كانت جلسة مفيدة خاصة عند معرفتنا بتفاصيل مجهرية لبعض المواضيع المسكوت عنها مثل قضايا الاغتصاب والتحرش والمخدرات وعدد الإشعارات الواردة في هذا المجال وهنا كانت بعض الوقائع أليمة علينا. محطتنا الأخيرة في هذا اليوم كانت المحكمة الابتدائية بقبلي حيث كانت لنا جلسة عمل مع قاضي الأسرة والطفولة السيد مراد القاسمي التي كانت تتمحور حول قضايا الأسرة والزوجين وأثارها السلبية على الطفل وبعض الإجراءات القانونية التي تتخذها المحكمة في الإبان ونشكره على مدنا بالإحصائيات المتعلقة بعدد قضايا الطلاب والطفولة الجانحة وإلى ذلك وعلى مجهوده الشخصي في متابعة عملنا. إنتهى ذلك اليوم بزاد معرفي لا يستهان به.
اليوم هو اليوم التاسع عشر من شهر اوت… بدأت جولتنا الثانية للتزود بالمعلومات وطرح بعض القضايا الخاصة بالطفولة إذ ولجنا إلى المركز النموذجي لذوي الإعاقة بسوق الأحد حيث كان لنا موعد مع رئيس الجمعية القائمة بالمركز السيد معاذ لوحيشي الذي مدنا بتفاصيل أوضاع أطفال ذوي الإعاقة وحقيقة الوضعية التي يعيشون فيها وأهم المشاكل التي يتعرضون لها. كما عرفت السيدة مبروكة خالد والسيدة نائلة عمر (عضوتان في الجمعية) دور الجمعية وعلاقتها بالمركز. كانت جلسة رائعة استفدنا كثيرا ولكننا لاحضنا أن المركز فاقد للجمالية بل في جولتنا المتواضعة داخله اكتشفنا أنه يفتقد ورشات عمل وأغلب قاعاته شاغرة لا آلات فيها ولا مقاعد …. كان منظرا غريبا بالرغم من أنه نموذجي ولكننا لم نرى فيه النموذج إلا على اللافتة في أعلى مدخله وقد كانت بعض الكتابات غير واضحة. لا أظن أن هذا المركز يوفر الظروف الملائمة لتأطير ذوي وذوات الإعاقة هذه مشكلة ملموسة جدا. بعد مغادرتنا للمركز إتجهنا مسرعين عدوا إلي مركز البلدية. فريقنا متماسك .. لطيف …جدي … وخاصة مرافقتنا ومستشارة ببلديتنا السيدة سرور الدخلاوي. الساعة الحادية عشر كنا في مقر البلدية حيث أقمنا جلستين: جلسة مع كاتب التصرف السيد عبد القادر عزيز وجلسة أخرى مع رئيس البلدية السيد رضا المغزاوي حيث كان حوارنا يدور حول الطفل واهتمام البلدية به وماهية العلاقة بين اليافع أو اليافعة والبلدية وقد تطرق حديثنا إلى المجلس البلدي للطفل حيث تحصلنا على وعود جدية في الموضوع.
لكن للأسف سوف أعلمكم بخبر غير سار، لقد انتهت رحلتنا أو علي أن أقول جولتنا المعرفية التي بقي لها طابع خاص في ذاكرتي لا بل في ذاكرتنا نحن أولئك اليافعين واليافعات وجدي النڨي، سناء البكوش، حنين بوبكر، عبد الحميد بتام ومرافقتنا كالعادة السيدة سرور الدخلاوي خضعنا لرؤية جريئة لواقعنا فيها ما صدمنا وفيها ما أفرحنا لكن على كل يافع أو يافعة أن يخضع لمثل هذه التجارب. طرق الأبواب ومعرفة الحقائق هو واجب على كل طفل …… المسؤولية ….. حس المواطنة… الحق… العدل صفات من البديهي أن تكون فينا ولكن مع الأسف أصبحنا في عصر كسا رواض عقولنا بستار أسود لا يعي ما حوله ولا يهتم به……….
ولكن إشعال شمعة في الظلمة خير من أن نلعن الظلام…
وأنت يا طفل يا تونسي عليك أن توقد هذه الشمعة وتضيء واقعنا المظلم.
سناء البكوش